من خطبة لأمير المؤمنين علي إبن أبي طالب عليه السلام
من خطبة لأمير المؤمنين علي إبن أبي طالب عليه السلام
إن
الله سبحانه وتعالى لا تناله الأوهام فتقدره ، ولا تتوهّمه الفطن فتصوّره ،
ولا تدركه الحواس فتحسّه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسّه ، لا يتغير بحال ،
ولا يتبدل بالأحوال ، لا تبليه الليالي والأيّام ، ولا يغيّره الضياء
والظلام ، ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض
من الأعراض ، ولا بالغيرية والأبعاض . ولا يقال له حد ولا نهاية ، ولا
انقطاع ولا غاية ، ولا أنّ الأشياء تحويه فتقلّه أو تهويه ، أو أنّ شيئاً
يحمله فيميله أو يعدله ، ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج ، يخبر
بلا لسان ولهوات ، ويسمع بلا خروق وأدوات ، يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا
يتحفظ ، ويريد ولا يضمر ، يحب ويرضى من غير رقة ، ويبغض ويغضب من غير
مشقّة . يقول لما أراد كونه كن فيكون ، لا بصوت يقرع ، ولا نداء يسمع ،
وإنّما كلامه فعل منه أنشأه ومثله ، لم يكن من قبل ذلك كائناً ، ولو كان
قديماً لكان إلهاً ثانياً ، لا يقال كان بعد أن لم يكن ، فتجرى عليه
الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل ولا عليها فضل ، فيستوي
الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدئ والبديع - من خطبة التوحيد لأمير
المؤمنين علي عليه السلام
admin